الوصف
لئن بقيت بعض أمم العالم المتحضر اليوم تحترم العرب، فما كان ذلك – مع الأسف – بسبب من حاضرهم، وإنما لماضيهم – وحسبها من مفارقة! ولو وفيت الحكمة العربية حقها من الاهتمام والعناية لكانت في مصافّ حكم بقية الأمم، وذلك لأن الواقف بنظره عليها – بأحق وقوف وأعقله وأيقنه – يلفي أنها ما كانت دون حكم الشعوب الماضية في المرتبة جودة وصحة معنى ومتانة لفظ وقوة بيان. أضف إلى هذا، إن بعض تجارب العرب الماضية شهدت على أريحية حضارتهم وعلى تسامحهم. إلا أن مشكلة العرب الثقافية اليوم أنهم ما استطاعوا أن يثمروا هذا التراث العظيم الذي امتلكوه وما تملكوه- فبالأحرى أن يجعلوا منه تراث العالمين. وإن لمن مقتضيات العولمة اليوم ما بمكنة العرب أن يقدموا عليه “فيعولموا” تراثهم بحيث يصير ملكاً للناس أجمعين، وذلك مثلما كان هو ملكاً لكل الأمم في ما مضى من العصور، ومثلما صار تراث الغرب اليوم ملكاً لنا. أنظر كيف صار “يتعولم” الآن تراث ابن عربي والتراث الصوفي عموماً، واعتبر بكيف صار “يتعولم” تراث ابن رشد والتراث الأندلسي بوجه عام! ولن يخالف جوابي لصديقي العربي هنا ما قاله الجاحظ قديماً ونسيناه حديثاً: «والناس موكلّون بتعظيم الغريب واستطراف البعيد».