أصدرت الشبكة العربية للأبحاث والنشر أربعة إصدارات حديثة تتناول علم اجتماع الدين، والحركات الاجتماعية، والتعامل مع مصادر التشريع الإسلامي، والفلسفة والحداثة.
المَرجِع في علم اجتماع الدين: كتاب أكسفورد
نُشر الكتاب الأول بعنوان (المَرجِع في علم اجتماع الدين: كتاب أكسفورد) وذلك في مجلدين..
يعتبر كتاب أكسفورد المرجعي من الإصدارات التي تتناول علم اجتماع الدين من أبعاد وزوايا متعددة، حيث يتضمن المرجع عشرة أبواب، وتتضمن الأبواب العشرة خمسين فصلا، كل فصل عبارة عن بحث مختص بمقاربة وتناول الموضوع من زاوية معينة.
يعتمد كتاب أكسفورد لعلم اجتماع الدين على خبرة فريق دولي من العلماء ، مما يوفر مدخلاً للدراسة الاجتماعية وفهم الدين ويوفر كذلك استقصاءًا متعمقًا في أشكاله ومحتواه المتغير في العالم المعاصر. تتم مناقشة دور الدين والروحانية وتأثيرهما على السياسة والثقافة والتعليم والصحة في العالم المعاصر. كذلك تقوم دراسة علم اجتماع الدين بتكوين روابط متعددة التخصصات لاستكشاف جوانب الاستمرارية والتغيير في التفاعل المعاصر بين المجتمع والدين. باستخدام مزيج من المقاربات النظرية والمنهجية والقائمة على المحتوى ، يؤكد المشاركون السبعة والخمسون مجتمعون على العلاقات المعقدة بين الدين وجوانب الحياة من البحث العلمي إلى القانون ، والبيئة إلى الفن ، والموسيقى إلى العلوم المعرفية ، والجريمة إلى الرعاية الصحية المؤسسية . يتم كذلك استكشاف الطابع النامي للدين ، والتدين ، والإلحاد ، وتأثير التنوع الديني على التماسك الاجتماعي، وغيرها.
يتناول “الباب الأول” (عرض ومناقشة النظرية الكلاسيكية والحديثة وما بعد الحداثية) ، حيث يناقش إعادة تقييم دوركايم في إطار دراسة الدين وتدريسه، استخدامات ماكس فيبر: التقنين وفقدان الذاكرة في دراسة البوذية، وتاريخ جنوب آسيا،ونظرية الممارسة الأنثروبولوجية، كذلك يتناول ماكس فيبر وأثره في تفسيرات الدين والحداثة، وماكس فيبر عن الإسلام والكونفوشيوسية: النظرية الكانطية في العلمانية، كذلك يناقش الدين في أعمال هابرماس، وبوردييه، وفوكو، كما يقدم وجهة نقدية عن نظرية الاختيار المنطقي، كما يقدم مناقشة حول الدين والنوع الاجتماعي/الجندر، والدين والحداثة في أنحاء العالم، وما بعد الحداثة والدين، والدين والسلطة، والثقافة والدين.
و”الباب الثاني” بعنوان (المنهج) حيث يتناول المنهجية في علم اجتماع الدين، والنماذج المفاهيمية في دراسة الدين، وتعريف الدين من جهة مقاربة علم الاجتماع، كما يقدم رؤية نقدية لمحاولة العلوم المعرفية تفسير الدين وتطوره، كما يناقش الدين وحدود العلم والأخلاق،
أما “الباب الثالث” فقد كان بعنوان ( الدين والحدود: الأخلاق، والعلم، واللادين، والفن والتجسد) ويتناول العلم والدين، والإلحاد، والدين والأخلاق، كما ناقش التلاقي المعاصر بين الفن والدين، وكذلك الجذور الاجتماعية للغَيبة والمس ومعناهما.
و”الباب الرابع” بعنوان (الدين ، والدولة ، والأمة والقانون) حيث يتناول الدين والدولة والدين والقومية، والدين والقانون من واقع رؤية تفاعلية، كما يقدم مناقشة للأصول الثقافية الاجتماعية والدينية لحقوق الإنسان.
أما “الباب الخامس” فهو بعنوان (العولمة ، والأصولية، والهجرة والتنوع الديني)، حيث يناقش العولمة وإضفاء اللاهوتية ، والتنوع الديني، والأصولية الدينية، كما يبحث الهجرة وعولمة الدين، والهجرة والتنوع الديني،.
و”الباب السادس” بعنوان (الجماعات الدينية ومكانة رجال الدين ودورهم) فيناقش التجمعات المحلية والاجتماعية والدينية ، وكذلك أنظمة تصنيف الجماعات الدينية : الكنيسة والطائفة و العقيدة، والطوائف في الإسلام، كما يقدم بحثا هاما عن ‘سوسيولوجيا رجال الدين’ .
أما “الباب السابع” فهو بعنوان (علمنة الدين وانتشاره ونشره) فقد ناقش معنى العلمنة ومداها، والأجيال والدين، والدين والأسرة، وانتشار الدين ونشره، كما يقدم مقاربة متعددة المنظورات حول الدين والطقوس، كما يقدم رؤية حول الدين والإعلام، والدين والانترنت.
أما “الباب الثامن” فهو بعنوان (التغير الديني : ديانات وروحانيات جديدة)، وتناول مجال الديانات الجديدة ، والروحانية خارج الكنيسة ، وسوسيولوجيا التقاليد الباطنية الغربية، وما يسمى بالدين الضمني.
في حين يناقش “الباب التاسع” والذي جاء بعنوان (الدين وعلم البيئة، والصحة، والقضايا الاجتماعية والعنف) الدين وعلم البيئة، كما يقدم مقاربة مؤسسية للدين والروحانية والصحة، كما يقدم رؤية عن دور المؤسسات الدينية في الاستجابة للانحراف والجريمة، والعنف الديني ، كما يقدم منظورا جديدا حول الدين والمشكلات الاجتماعية .
“الباب العاشر” والأخير فقد جاء بعنوان (تدريس سوسيولوجيا الدين) .
الحركات الاجتماعية ١٧٦٨ – ٢٠١٢
أمَا الكتاب الثاني فهو (الحركات الاجتماعية ١٧٦٨ – ٢٠١٢) لعالمي الاجتماع “تشارلز تيلي” و “ليزلي وود”. وترجم العمل ربيع وهبة. وصدرت هذه الطبعة الإنجليزية من الكتاب عن مطبعة جامعة روتدلج.
يعرض المؤلف رؤية مفادها أنه في القرن الثامن عشر، أصبحت الحركات الاجتماعية وسيلة للسياسة الشعبية على مستوى العالم. وبتحديد موقع الحركات الاجتماعية في التاريخ، يقدّم تشارلز تيلي رؤى ثرية ومفاجئة في البحث حول أصول الحركات الاجتماعية المعاصرة وممارستها، وعلاقتها بالتحول الديمقراطي ومستقبلها المحتمل.
يقدّم هذا الكتاب إجابات مثيرة للجدل حول ابتكار وسائل الحركات الاجتماعية كمنظومة متكاملة ضمن أشكال العمل الجماعي والسياسي، فبعد أن كان الكثيرون منّا يظنون أنّ الحركات الاجتماعية كان منبتها أمريكا اللاتينية أو ربما الحركات المناهضة للعثمانيين، يأتي تشارلز تيلي بجملة من التصنيفات الحادة محاولاً تقديم مقياس معياري للحركة الاجتماعية نشأت أصوله في الغرب تحديداً في بريطانيا العظمى، وتبلورت مكانة هذا الشكل من أشكال العمل الجماعي والسياسي عبر قرنين من الزمن، انتقلت فيهما الحركة عبر القارات والمحيطات لتنتشر عبر العالم كله. هذه التصنيفات والأحداث التاريخية متضمنة في هذا الكتاب الذي يأتي تتويجاً لعمل تشارلز تيلي في مجال الحركات الاجتماعية منذ عام 1977.
(إصلاح الحداثة: الأخلاق والإنسان الجديد في فلسفة طه عبد الرحمن)
أمَا الكتاب الثالث فهو الترجمة العربية لكتاب (إصلاح الحداثة: الأخلاق والإنسان الجديد في فلسفة طه عبد الرحمن) للبروفيسور وائل حلاق، والذي يأتي صدوره متزامنا مع نشر الطبعة الإنجليزية الأصلية عن مطبعة جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة. إذ عملت الشبكة العربية على ترجمة الكتاب فور انتهاء المؤلف من اعتماد النسخة الإنجليزية.
يأتي صدور هذا الكتاب لوائل حلاق بعد صدور كتابيه (قصور الاستشراق)، و (القرآن والشريعة: نحو دستورية إسلامية جديدة) مؤخرا عن “الشبكة العربية”.
يُعَدُّ طه عبد الرحمن من أبرز الفلاسفة الذين أفرزهم عالم الإسلام حيث تغطي مؤلفاته مجالاتٍ واسعة تتناول موضوعات ترتبط باللغويات والمنطق والوجود والعقل والتواضع والعنف والمادية والعقيدة والجدل والحوار، بل وفلسفة اللباس. بيد أنه على الرغم من اتساع اهتماماته، فإن الخيط الذي يربط كلَّ أطراف فلسفته هو الخيط الأخلاقي.
ويظلُّ مشروع عبد الرحمن – في كل أبعاده ووجهاته المتنوِّعة – منتميًا إلى ما نطلق عليه بصفةٍ عامَّة: “فلسفة الأخلاق”.
يركِّز هذا الكتاب – بصفةٍ خاصَّة – على هذه القضية (الأخلاق)؛ إذ يخيطها عبد الرحمن في نسيج اشتباكه الخطابي مع المشكلات المركزية التي ترزح تحتها الحداثةُ في “الغرب” و”البلاد الإسلامية” على السواء، وبالنظر إلى الغرب وبلاد الإسلام لا باعتبارها دالَّات جغرافية، وإنما تشكُّلات معرفية من الدرجة الأولى. وبناءً عليه، لا يدعي الدكتور وائل حلاق أن هذا الكتاب يحوط بكل أبعاد مشروع عبد الرحمن الضخم أو حتى بأغلبها، إلا أنه يأملُ أن ما يناقشه فيه يكشف عن “الأعصاب المركزية” التي يعمل نظام فكره من خلالها. بعبارة أخرى، يتناول هذا الكتاب الخلايا الحيوية التي تجعل مشروع عبد الرحمن ما هو عليه، والتي إن غيَّرنا تكوينها الداخلي يصير
ذلك المشروع مختلفًا اختلافًا جوهريًّا عمَّا نعرفه عنه الآن. يعنى هذا أيضًا أنه مع تواصل مشروع عبد الرحمن، فإن لدينا بالفعل نسيجًا فكريًّا ضخمًا يمكن التعرف إليه بوصفه إسهاماً متميزاً في الأخلاق جديراً بأن يجذب انتباهنا وبأن يكون مادةً لبحثنا.
(النزاع على السنة: الإرث النبوي وتحديات التأويل واختياراته)
أمَا الكتاب الرابع فهو كتاب (النزاع على السنة: الإرث النبوي وتحديات التأويل واختياراته) للبروفيسور جوناثان براون، الأستاذ بجامعة جورج تاون بالولايات المتحدة. ترجم الكتاب عمرو بسيوني ، وهبة حداد.
تنطلق أطروحة الكتاب مما صاغه المؤلف على أنه «النزاع على محمد صلى الله عليه وسلم». فإنه لما كانت أغلب المبادئ القرآنية مبادئ عامةً، وحتى الأحكام التي شرعها النص القرآني كانت بحاجة إلى الكثير من القيود؛ رجع النزاع المتشعب الذي يصعب ضبطه وحصره إلى القضية القديمة الجديدة، الماضية والحاضرة والمستقبلة: وهي قضية السنة النبوية باعتبارها نصًا مقدسًا من جهة، ومن جهة أخرى باعتبارها أول مدونة تفسيرية للقرآن الكريم.
تقوم فكرة الكتاب الأساسية على محورية النص عموماً والسنة خصوصاً في العقل الإسلامي، سواء أكان سنيًا أو غير سني، مع حضور سؤال الواقع باستمرار أمامه، وتأثير التاريخ في فهم النص، سواء أكان في القديم أم في الحديث، مما أنشأ العديد من الحلول والإجابات والتأويلات حول النص بصورة متلاحقة. وفي سبيل رصد تلك التطورات الواقعية وتحليلها ونقدها، يطوف المؤلف بالقارئ – طولياً – من الحديث النبوي الأصلي إلى آراء الصحابة والتابعين إلى أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، إلى البيهقي والطحاوي، إلى ابن الجوزي والعز بن عبد السلام، إلى ابن تيمية، ومن بعدهم كابن حجر والسيوطي، حتى نجد أنفسنا على ضفاف العصر الحديث مع الدهلوي، والوهابية، ثم محمد عبده، والكوثري وشاكر وأبي زهرة والمراغي وابن عاشور وعبد الحليم محمود والألباني وعلي الطنطاوي وابن عثيمين والقرضاوي وعلي جمعة، وحتى نصر حامد أبو زيد وأركون وشحرور، بتنقلات تاريخية أحيانًا وموضوعية مقارنة أحيانًا، في مُسوحات واسعة للتراث الفكري الإسلامي. ومن منظور آخر، اعتمد المؤلف الرصد الأفقي فبحث في الشرائح المتعددة للتقليد الإسلامي فوجدنا أنفسنا مع الأصوليين كالجويني والغزالي، والمحدثين كالدارقطني والبيهقي، والمتكلمين كالمعتزلة والأشعري، والفلاسفة كابن سينا وابن رشد، ومع المذهبيين التقليديين، ومع الخارجين عن التقليد، وحتى الشيعة، مع الإصلاحيين كابن تيمية والدهلوي وحتى محمد الغزالي والقرضاوي، ومع الصوفية كابن عربي والشعراني والنبهاني، وقفنا مع القرآنيين في باكستان، ومدرسة الحداثيين كفضل الرحمن، والمرتابين المحدَثين في مصر (صدقي وأبي رية)، وما بعد الحداثيين كنصر حامد أبي زيد، ومع الخطاب الرسمي التقليدي الأزهري والزيتوني، ومع الدعاة الجدد، ومع الحداثة وخطاب الإرهاب والمرأة والأسرة في الغرب وأمريكا، وانعكاساته على السينما والفنون. كل هؤلاء يقولون كلمتهم ويقدمون قراءتهم، عن الإسلام وعن التاريخ وعن الواقع وعن أفق المستقبل.