لا يوجد منتجات في سلة المشتريات.
بناء مؤمن مثالي: مناهج الاستدلال التي تتبنّاها السلفية التقليدية والمسلمون التقدميون
من هو المؤمن المثالي؟ يتحدث هذا الكتاب عن النماذج التفسيرية الناظمة لمنهجي أتباع السلفية التقليدية الجديدة والمسلمين التقدميين من خلال المقارنة وإبراز الفروق بينهما فيما يتعلق بسعيهما لفهم القرآن الكريم والسنة النبوية وتفسيرهما. كما يُلقي الضوء على المضامين الأساسية لمنهجي هاتين الجماعتين وكيف ترتبط هذه المفاهيم بتفسيرات تكوِّن –بحسب اعتقاد كل جماعة- مفهوم “المؤمن المثالي”.
يعتمد الكتاب عدة منهجيات تجيب عن الأسئلة المطروحة، أولها: استقصاء الأدبيات التي كتبها الباحثون والأكاديميون المنتمون إلى السلفية التقليدية الجديدة أمثال محمد ناصر الألباني وعبد العزيز بن باز وابن عثيمين، وكذلك بعض من يطرحون رؤية إسلامية مختلفة ممن يمكن وصفهم بالمسلمين التقدميين. اما ثانيهما، فهو تحديد المعايير التي يشكلها علم أصول الفقه والعلوم المتعلقة بطبيعة اللغة واللاهوت وعلم التأويل والابستيمولوجيا والأخلاق.. إلخ.
تتوزع الدراسة على مقدمة وسبعة فصول وخاتمة، تتضمن حديثًا تحليليًا للخطابات والقضايا والموضوعات المطروحة اليوم في المجتمعات الإسلامية، ولاسيما في تلك الموضوعات التي يدور كثير من المجادلات والخلافات حول مدى شرعيتها الدينية.
تحدِّد هذه الدراسة النماذج التفسيرية الناظمة لمنهجي أتباع السلفية التقليدية الجديدة والمسلمين التقدميين، وتقارنها، وتظهر الفروق بينها، وذلك فيما يتعلق بسعيهما لمفهمة القرآن والسنة وتفسيرهما، إضافة إلى الافتراضات التي ترشد هذين المنهجين. كما تتفحص ماهية المضايمن التفسيرية لهذه الافتراضات الناظمة لمنهجي أتباع السلفية التقليدية والجديدة والمسلمين التقدميين في علاقتها بتفسيرات ما يعتقد أن يكون مفهوم “المؤمن” المثالي دينيًا ومفهوم “المرأة المسلمة” المثالية دينيًا.
وتتمثل السياقات الاوسع لهذه الدراسة في المجادلات والمناقشات المعاصرة بين المسلمين حول القضايا الدينية المتعلقة بالأصالة والشرعية والمرجعية وسلطة التمثيل، ومن ثم فهي تحدد طبيعة ومستقبل الإسلام والوعي المتنامي بالطبيعة الإشكالية للتراث الإسلامي. أججت هذه المجادلات والمناقشات التقليدية الداخلية قوى التحديث والعولمة والأقليات المسلمة التي تعيش في الغرب مع علاقات دينامية إجتماعية للانتماء إلى دين أقلية مهاجرة جديدة. بينما ولدت الدمقرطة الناتجة للمعرفة الدينية وتشظي السلطة المرجعية الدينية حالة تتميز بمشاركة عدد متزايد من المسلمين في المجادلات حول “الإسلام المعياري”. وتعني المؤلفة بالإسلام المعياري؛ ذلك الإسلام المعتمد على تعاليم الكتاب والسنة مهما تباينت مفهمتها وتفسيراتها، واختلفت الخطابات المحيطة بمسائل تفسيرها المرجعي. كما كثفت أحداث الحادي عشر من سبتمبر المأساوية هذه المجادلات، ما أدى إلى حالة استقطاب حادة في آراء المسلمين التي غالبا ما تأطرت في انقسام بين “المعتدلين” و “الأصوليين”. والنتيجة المنطقية لذلك كله بروز تعددية تفسيرية كبيرة.
وتناقش هذه الدراسة تفسير مجموعتين من تلك التفسيرات تسميهما السلفية التقليدية الجديدة والمسلمين التقدميين بغية الإجابة على هذه الأسئلة:
-ما نوع النموذج المثالي دينيًا لمفهوم “المرأة المسلمة” الذي عمل أتباع السلفية التقليدية الجديدة والمسلمون التقدميون على مفهمته وترويجه باعتباره معياريًا وقياسيًا؟
-كيف يحدد المؤيدون والممثلون للسلفية التقليدية الجديدة والمسلمون التقديمون مدى “المؤمن” من وجهة نظر معيارية قياسية؟
– ما هي النماذج التفسيرية للمنبعين المقدسين الرئيسيين للفكر الإسلامي (القرآن والسنة) التي ربما تفسر تشكّل هذين المفهومين؟ وعلى أي افتراضات تفسيرية وتأويلية وإبستمولوجية ومنهجية ترتكز؟
وفي الفصول المتعلقة بقضية المقارنة والمغايرة بين المناهج والافتراضات والمضامين التفسيرية للسلفية التقليدية الجديدة والمسلمين التقدميين، يتمثل منهج الدراسة في تحديد عدد من المعايير التي تمضها نظرية أصول الفقه، ومنها العلوم المتصلة بطبيعة اللغة، والعقدية، وعلم التأويل، والإبستمولوجيا، والشريعة، والأخلاق، فضلاً عن تحليل الاختلافات والفوارق بين المنهجين. تتصل افتراضات منهجي السلفية التقليدية الجديدة والمسلمين التقدميين بالقضايا الآتية
-وظيفة اللغة وطبيعتها في النص القرآني وطبيعة الوحي.
-عملية استخلاص المعنى من النص القرىني
-المدى الذي يصل إليه الاعتراف أو عدم الاعتراف بدور السياق في صياغة المحتوى القرآني.
-دور العقل/المنطق وشرعيته ومداه في التفسير القرآني وطبيعة القيمة الأخلاقية في القرآن
-المدى الذي يصل إليه استخدام المقاربة الموضوعية (المرتكزة على الموضوع) التوثيقية – الاستقرائية (أو المنهجية) لتفسير القرآن أو الافتقار إليها
– مدى المقاربة الأخلاقية – الدينية والغائية، أو المعتمدة على الهدف (القصد) للتفسير القرآني
-طبيعة مفهوم السنة ومداه ومضامينه التفسيرية
تعتمد المؤلفة على استقصاء هذه الأفكار في أعمال الباحثين والعلماء المسلمين المنتمين إلى السلفية التقليدية الجديدة أمثال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ ابن عثيمين، وأتباعهم الغربيين أمثال جمال زاراربوزو والدكتور بلال فيلبس. وعلى اناحية الأخرى تستقصي المؤلفة هذه الأفكار في أعمال من تسميهم بالمفكرين المسلمين التقدميين البارزين أمثال خالد أبو الفضل وفريد إسحق وإبراهيم موسى وكاسيا علي وأمينة ودود وغيرهم.
يقدم الفصل الأول من منظور عريض أصول المجادلات التي مازالت مستمرة حول المكانة والأصالة النسبيتين لمختلف مصادر السلطة الشرعية في التراث الإسلامي، ويبدأ بتفسير الخلفية التاريخية وارتقاء مقاربتين رئيسيتين للتراث الإسلامي تستندان إلى المذهب وأهل الحديث، ويسلط الضوء على أوجه الشبه والاختلاف بينهما، كما يناقش مفهوم السلفية من أجل إظهار محورية هذا المفهوم فيما يتعلق بكيفية مفهمة التراث الإسلامي وتفسيره. أخيرًا يحاول بإيجاز موضعة مجتمعي تفسير أتباع السلفية التقليدية الجديدة والمسلمين التقدميين على هذه الخلفية التاريخية.
يعرض الفصل الثاني مناقشة حول الممثلين الرئيسيين لمجتمع تفسير السلفية التقليدية الجديدة ويضعه ضمن إطار علاقته بعدد من القضايا التي شكلت موضوع الفصل الأول، ومنها السياق التاريخي وراء ظهور مذهبي أهل الحديث وأهل الرأي قبل الحقبة الحديثة؛ وفهم أتباع السلفية التقليدية الجديدة لمفهوم السلفية؛ وأفكار أتباع السلفية التقليدية الجديدة فيما يتعلق بالعوامل التكوينية للعلم (المعرفة الشرعية)؛ ومفهوم أتباع السلفية التقليدية الجديدى لطبيعة ومدى مفهوم السنة؛ ووصف أتباع السلفية التقليدية الجديدة لمنهجهم.
وينقسم الفصل الثالث إلى جزئين: يحدد الأول الافتراضات التي أرشدت المناهج ما قبل الحديثة فيما يتعلق بالقرآن ويقدم تحليلاً نقديًا للمضامين التفسيرية لهذه الافتراضات. ويتفحص الثاني الاقتراضات التفسيرية الكامنة خلف مناهج السنة التي تتبناها السلفية التقليدية الجديدة ومضامينها التفسيرية. وفيما يتعلق بافتراضات مناهج أصول الفقه ما قبل الحديثة، تعتمد المؤلفة على البحث الأكاديمي الذي كان يتصدى أساسًا للبحث الأكاديمي المرتكز على المذاهب نظرًا لأن كثيرًا منها تتقاسمه السلفية التقليدية الجديدة والمناهج المرتكزة على المذاهب.
ويتغيا الفصل الرابع تفسير كيف تتحمل مناهج السلفية التقليدية الجديدة مسئولية صياغة آراء علماء السلفية التقليدية الجديدة فيما يتعلق بمسألة ما الذي يكوّن النموذج المثالي دينيًا لمفهوم “المؤمن” و “المرأة المسلمة”. ومن أجل ذلك، تقدم المؤلفة أقدم مؤشرات نصية من القرآن والسنة استخدمها علماء السلفية التقليدية الجديدة وتحللها فيما يتعلق بمناهج السلفية التقليدية الجديدة التي ترشد آرائهم حول هذين المفهومين.
ويتألف الفصل الخامس من أربعة أجزاء: يستهدف الأول تقديم مناقشة حول موضوعات معينة تؤسس نظرة المسلم التقدمي إلى العالم. ويوضح القسمان الثاني والثالث في السياق التاريخي ويناقشان الفكر الإسلامي التقدمي فيما يتعلق بأسلافه المفكرين من عالمي الأغلبية المسلمة والأغلبية غير المسلمة. أما الجزء الأخير فيقدم لمحة عن مقاربة المسلمين التقدميين لمفهمة التراث الإسلامي ودراسته بغرض فهمه، والمفهوم المعرفي للحداثة/الحديث.
ويقدم الفصل السادس مناقشة معمقة للسمات المميزة لمناهج المسلمين التقدميين ومضامينها التفسيرية، كما حدث مع مناهج السلفية التقليدية الجديدة في الفصل الثالث.
ويستهدف الفصل السابع والأخير تفسير كيف تحمل مناهج المسلمين التقدميين مسئولية توليد مفهومهم عن النموذج المثالي دينيًا لـ”المؤمن” و “المرأة المسلمة.”
وتوجز الخاتمة الركائز النظرية المؤسسة للدراسة، ومنهجيتها وأهدافها والنتائج التي توصلت إليها. وعلى وجه الخصوص، تؤطر أهمية الدراسة فيما يتعلق بالخطابات والقضايا الأوسع المحيطة بالمجتمعات الإسلامية، لاسيما المجادلات الجارية بين المسلمين والخلافات الدائرة بين التيارات “المحافظة” و “الحداثية” حول الشرعية الدينية.
